مرررا نفسي ولكن
قبل 4 سنوات .. كانت الترحال والسفر أحد أمنيات حياتي وكنت أدعو الله كثيرا وأسعى لتحقيق تلك الأمنية. كانت رغبة جامحة وشغوفة في نفسي لا أعلم سببها. ولكنني قررت أن ألبي لها تلك الرغبة فنفسي مني وأنا منها. وكان لها ما أرادت وها أنا اليوم متنقل من بلدة لأخرى لا أقضي شهرا في مكان واحد. الغريب في الأمر أنه بمجرد حصول نفسي على ما أرادت فقد فقدت تلك الرغبة الجامحة في حياة السفر وتركتني أعيش هذه الحياة ومافيها من حلو ومر. هي فعلا كالطفل الصغير الذي يصرخ ويبكي لمجرد رؤيته للعبة ما وبمجرد حصوله عليها فقد لا يقضي معها سواء أيام معدودات وستبحث نفسه عن لعبة أخرى.
والنفس كالطفل إن تهمله شبّ على *** حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم …………. (البوصيري – قصيدة البردة)
كان ذلك مثالاً بسيطا على أحد الأمور التي واجهتها في حياتي وكان لاستماعي لها وبناء قرارات مصيرية من أجلها أثراً كبيراً (بعيداً عن كون القرار خاطيء أم صائب). كل يوم تكتب تلك النفس قائمة كبيرة من الطلبات وتسلمها لي في الصباح ويبقى الاختيار لي في تنفيذها أم لا. لاحظت مع الأيام أنني كلما عطيت لها مجالاً وحرية أكبر كلما أصرت وعاندت أكثر لكي أحقق لها ما تريد. وإن عاندتها في يوم من الأيام وأهملتها لفترة وجدتها أصبحت طائعة وخاضعة تحقق لي ما أريد منها وليس ما تريد هي مني. وبذلك عرفت كيف أتعامل معها .. فهي كالنبتة الصغيرة تنتظر منا الماء.
مؤخراً بدأت أفلت زمام التحكم بالأمور مع نفسي. ربما كان شعوري بالأسى نحوها بعد سنوات من الإهمال. ولكني وجدتها قد بدأت بالاستقواء علي وأصبحت أقوم بطاعتها في أمور قد تكون مخالفة أحياناً لما أراه صحيحا من قناعاتي ومبادئي الشخصية سواء في العمل أو بحياتي الشخصية (بعيدا كذلك عن العرف والدين). أعيش الآن مرحلة البين، بين مخالفتها وبين الشعور بالنقص فقد تعودت على تحكمها بي. وصدقاً فهو ليس بالأمر السهل وليس بالأمر الصعب كذلك. يتطلب الأمر بعض الإرادة والمثابرة. كثيرة هي الأمور التي نعلم بأنها خطأ ولكننا ما زلنا نعمل بها لأن “النفس تحبها”.
إني على يقين ومؤمن بـ (من ترك شيئا لله عوضه الله خيراً منه). جملة عظيمة من ذلك الرجل العظيم صلى الله عليه وسلم تساعدني كثيراً عندما أتجادل مع نفسي . كتابتي لهذه التدوينة -وإن كانت شخصية بالدرجة الأولى- أحد الأمور التي رأيت أنها قد تساعدني على التقويم . الإعتراف بالخطأ أول خطوات التحسين. قد أقرر بعض القرارات المصيرية مستقبلاً ولكني هذه المرة سأستمع فيها لقلبي وعقلي . نفسي قد تخالفها وتعارضني في هذه القرارات ولكن سأمضي فيها ان شاء الله وسترضى فيها بعدما تتعود . يبقى الصواب صواباً وإن خالف النفس .. ويبقى الخطأ خطأً وإن وافقها.
( لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ) 🙂
أحمد
فيها عمق راااااائع !! أعجبتني جداً !
دخلتني في حيرتك وعيشتني وسط نزاعات القلب والعقل وذكرتني بالكثير
شدتني تعبيراتك والنزاعات بين سطورك
الفقرة الاخيرة رجعتلي الابتسامة ورجعت ارضتني من بعد الحيرة اللي عيشتني اياها …! حبيييييت اخر فقرة من بعد كل النزاعات اللي سبقتها…
واكثر ما قواها صدقها وواقعها اللي نعيشه بشتى الامور
ومثل ماقلت.. فيها خصوصية شديدة وكتابتك عنها خلتني ابتسم انه فيه من ينازع أموره في داخله ولست الوحيدة :’)
أهنيك احمد
ديما
أولا شكرا لابتسامتك 🙂
كل انسان ولازم يعيش بينه وبين نفسه نزاعات زي كدا .. بس أهم شي اننا ننتصر عليها
نورونا دايما